ما حكم الزواج العرفى بدون شهود.. دار الإفتاء تجيب

ورد من دار الإفتاء المصرية سؤال كان فحواه: “ما حكم الزواج العرفي بدون شهود؟ رجل تزوج امرأة زواجا عرفيا بصيغة الإيجاب والقبول ولكن بدون؟ شهود، ولم يخبروا أحداً بذلك خوفاً من أن يعلم أحد أفراد العائلتين بهذا الزواج فيعقده. فهل هذا الزواج صحيح شرعا؟

وجاء رد دار الفتوى كالتالي:

“أن يكتفي الرجل والمرأة بصور الإيجاب والقبول في زواجهما العرفي، دون أن يخبرا به أحداً، ولا يشهدا عليه خوفاً من أن يعلم به أحد من أفراد العائلتين. ، يتنافى مع المقاصد الأسمى للزواج وأهدافه من إقامة المعاشرة بين الزوجين، وتوزيع الرحمة والمودة بينهما، ويعرضهما لشبهة الدين من ناحية مخالفة الشريعة. النصوص الشرعية التي تدعو إلى شهادة الزواج وإعلانه بين الناس وعرضه وإشهاره، وشبهة العرض من حيث عدم حمايته من الدخول فيه وهو محل شبهة ومحل اتهام، بالإضافة إلى ذلك مما يترتب على ذلك من ضياع الحقوق، وتعرض الأجيال للكفر، وفتح أبواب التلاعب والغش ورفض الزواج، وبالتالي فهو محرم ولا يصح بحسب المذهب. وليس الشريعة، ومن الزواج السر الذي يحكم الشريعة الشريفة. وهذا يبطل الاتفاق وعليهما الطلاق”.

حكم الزواج العرفي بدون شهود

وأوضحت دار الإفتاء أنه من الثابت شرعا أن ما ورد في العقود هو الألقاب وليس الأسماء، وأن الأحكام تدور حول الألقاب والمضمون، وليس الأسماء والألقاب. العقود الشرعية، متى استوفت أركانها وشروطها، وسُلمت من أي موانع، تكون صحيحة شرعاً.

ولهذا فإن وصف عقد الزواج بأنه صحيح أو نافذ أو ملزم أو باطل أو فاسد أو معلق أو غير ملزم، وما يترتب عليه من آثار، مستمد من عمل الشرع المبني على استيفاء أركانه وشروطه. . العقد، أو عدم الوفاء به، وبحسب هذا الوصف تنشأ حقوق وواجبات، وتختلف الأحكام والآثار والعواقب.

فإذا عقد الطرفان الزواج دون الإعلان عنه أو الشهادة عليه، واتفقا على إبقاءه سراً وعدم إخبار أحد عنه – كما هو الحال في السؤال – لأي سبب من الأسباب – فإن هذا الزواج يصبح زواجاً. “الزواج السري” وهو عقد باطل في الشريعة الإسلامية. فإنه من جنس سفاح المحارم، محرم شرعا، وقد اتفق على ذلك العلماء قديما وخلفا.

وأصل ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: “لا نكاح إلا بولي وشاهدين صالحين، وكل نكاح غير ذلك فهو باطل” .. الحديث» أخرجه الإمامان: ابن حبان في «صحيحه» وحكمه، والبيهقي في «سننه» من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. ها .

وروى الإمام البيهقي في “معرفة السنن والآثار” عن أبي الزبير أن عمر رضي الله عنه لم يزوج إلا شهد رجل وامرأة، قال: “إنه زواج سري، ولا أجوزه”.

وعن طاوس بن كيسان قال: «فرق بين الزنا والجماع مع الشهود» رواه الإمام عبد الرزاق في «المصنف».

قال الإمام أبو بكر ابن العربي في “عريضة الأحوذي” (4/246 ط دار الكتب العلمية): [النكاح عقدٌ يفتقر إلى إعلانٍ، لا خلاف فيه، ونكاح السر ممنوعٌ لا خلاف فيه] أوه

قال الإمام أبو الوليد ابن رشد في “بداية المجتهد” (3/44 ط دار الحديث): [واتفقوا على أنه لا يجوز نكاح السر] أوه

قال الإمام النووي في “شرحه على صحيح الإمام مسلم” (9/227 ط دار إحياء التراث العربي): [أجمعت الأُمَّة على أنه لو عُقِد سِرًّا بغير شهادةٍ لم ينعقد] أوه
قال الشيخ ابن تيمية في “الفتاوى الكبرى” (3/274 ط دار الكتب العلمية): [وأما نكاح السر الذي يتواصون بكتمانه ولا يُشهدون عليه أحدًا، فهو باطلٌ عند عامة العلماء، وهو مِن جنس السِّفاح] أوه

الزواج السري يتنافى مع مقاصد الشرع الحنيف

وأشارت دار الإفتاء إلى أنه بالإضافة إلى ما سبق، فإن هذا النوع من الزواج يخالف ما قرره الشرع الكريم من مقاصد شاملة وأحكام واجبة التطبيق، ومنها:

أولاً: الزواج السري ينافي أسمى مقاصد الزواج وأهدافه من الطمأنينة بين الزوجين والرحمة والمودة، والتي وردت في قول الله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَن خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ نِسَاءً لَكُمْ مِنْ أَيْضٍ مِنْهُمْ”. لتسكنوا إليهم وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. [الروم: 21].

ويقول الله تعالى: “”لتسكنوا فيها”” أي: “ولتميلوا إليها وتعرفوها، فإن الجنسية سبب للشمول، والاختلاف سبب للتنافر” كما في “أنوار التنزيل وأسرار التفسير” للإمام ناصر الدين البيضاوي (4/204 ط دار إحياء التراث العربي).

ويقول الله تعالى: (وجعل بينكم مودة ورحمة) أي: جعل بينكم بالنكاح والختان مودة تتعاشرون بها وتتواصلون من أجلها ورحمة. “فرحمكم به، فحسن بعضكم إلى بعض” كما قال الإمام الطبري في “الجامع”. “البيان” (20/ 86، ط مؤسسة الرسالة).

ويمكن أن يفهم من ذلك أن الله تعالى قد أودع سرا في الزواج، وهو أنه بمجرد إتمامه ستحدث الراحة التامة والشعور بالطمأنينة والاستقرار النفسي والجسدي لكلا الزوجين، فيكون سكنا. حيث يستطيع كل منهما أن يلجأ من الآخر فيزين الله تعالى هذا المسكن والمأوى بالرحمة والرحمة والعطف والمحبة. فلا راحة في العيش بلا حب ولا نعمة، على عكس الزواج السري الذي يشعر فيه الطرفان بالخطأ، ويغمرهما شعور غامر بالخوف الدائم والذعر المستمر من أن يعلم أحد بلقائهما أو من سيعلمه بعضهم. رؤيتهم معًا، لذا فهم غير سعداء بالعيش معًا أو بعيش حياة طبيعية مثل الآخرين. من الرجال، بالإضافة إلى كبت الشعور بالفرحة بهذا الزواج، وعدم الافتخار به.

كما أن المودة والألفة والمحبة المطلوبة في الزواج لا تقتصر على الزوجين فقط، بل تمتد إلى أسرتيهما، حيث تتزايد أواصر المحبة والمودة والألفة بين أفراد العائلتين، وتخدم الكرامة. والعزة لهما، بخلاف الزواج السري الذي هو سبب للغربة والذل والهوان لكلا العائلتين، وهذا الأمر له نظير سني. النبوة الشريفة عندما نزل بنو المصطلق إلى المنفى ومنهم السيدة . جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها – ولم تكن أسلمت بعد – ولذلك استعانت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأطلقها فأسلمت، ثم خطبها فقبلت. وتزوجها عندما علم الصحابة رضي الله عنهم بزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا وأظهروا احتراماً عظيماً لقومها: “أصهار” رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.” تقول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “فأرسلوا وفي أيديهم من بني المصطلق، فقتلت على يدها مائة من بني المصطلق”. حر. ولا أعرف امرأة أكثر نعمة منها. أهلها.” أخرجه الأئمة: ابن حبان في “صحيحه”، وأبو داود والبيهقي – واللفظ له – في “السنن”.

ثانياً: وجوب عزل الدين والعرض؛ الزواج السري الذي يتم دون شهادة أو إعلان يعرض الزوجين للشكوك في الدين. وذلك لمخالفته النصوص الشرعية التي روي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي طلب إشهاد النكاح، فهذا يعلن بين الناس و افعلها. فأنزل فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد، واضربوا”. يضربه بالدف، ويحمل أحدكم شاة ولو شاة. رواه الأئمة: الترمذي – وحسنه – ابن ماجه والبيهقي في “السنن”، من حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.

والسبب في ذلك أنه لما كان الزنا سرا عن أعين الناس وبعيدا عن علمهم، فقد تميز الزواج بأنه شهد وأعلن وكشف – كما في “مختصر التحرير” للإمام ابن النجار (4/168 ط مكتبة العبيكان) – ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإعلان النكاح وإشهاره، وهذا الأمر ومفيد في النهي عن ضده، وهو الزواج السري الذي يتم في الخفاء، دون شاهد أو خبر أو وحي. ولما ثبت في الشرع الشريف أن “”الوصية بالشيء النهي عن ضده”” كما في “الأشباه والنظائر” للإمام تاج الدين السبكي (2/115 ط. دار العلا) -قطب العلمية).

أما السبب الذي يجعل الزواج السري يعرض شريكه للشك في عرضه، فهو أنه جاء في الحديث الشريف عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أشياء مشتبهات». ولا يعلم كثير من الناس من اجتنب الشبهات برئ من دينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات أدخله في صحيحه.

وقوله: «طهر دينه وعرضه» أي: «طهر دينه من الرذيلة الشرعية، وحفظ عرضه مما قال الناس فيه» كما قال الإمام النووي في «شرحه على صحيحه». “الإمام مسلم” (11/28 ط دار إحياء التراث العربي) والحفاظ على العرض في الحديث يكون باجتناب الظن وعدم الوقوع فيه، ومعلوم أن والزواج السري لا يخلو من الشبهة، ولا يخلو من التهمة، كما أنه حرمة، فالبعد عنه وعدم الوقوع فيه كان تطهيراً للشرف، وحفظاً له من الاعتداء، ومنعاً من…